بادرت جمعية الشباب العرب – بلدنا يوم الثلاثاء المنصرم 7.5.2013، الى عقد اللقاء الخامس من مشروع "منتدى بلدنا الثقافي" بعنوان "الوضع الصحي في الضفة الغربية وقطاع غزة تحت الإحتلال قبل وبعد أوسلو". حيث استضاف المنتدى كلاً من صلاح حاج يحيى وهو مدير العيادات الطبية المتنقلة في منظمة أطباء لحقوق الانسان، وناشط حقوقي وصحي يعمل منذ اكثر من 25 عاماً في المنظمة. ويارا سعدي ناشطة وباحثة في مشروع "WHO PROFITS" الذي أُعدَ من خلاله تقرير بعنوان "الاقتصاد الأسير: صناعة الأدوية والاحتلال الإسرائيلي".
إستهلت الندوة يارا سعدي، بتقديم تقرير "الاقتصاد الأسير" والذي يكشف تورّط شركات الأدوية الاسرائيلية والعالمية مع الاحتلال. وذلك من خلال منظومةً مركّبة من القوانين والأنظمة العسكريّة والمدنيّة واتّفاقيّات اقتصاديّة أبرزها اتفاقية باريس - معاهدة أوسلو. هذه المنظومة تجعل من الضفة الغربية وقطاع غزّة سوقًا تحتكرها شركات الأدوية الإسرائيليّة والعالميّة بحجّة الأمن أو ضبط الجودة. خلال المداخلة تطرقت سعدي الى اتفاقية باريس الاقتصادية والتي تشكّل جزءً من معاهدة أوسلو لعام 1993، وتضبط العلاقات الماليّة بين إسرائيل والسّلطة الفلسطينيّة بواسطة إدراجهما تحت نفس مظلّة الضرائب. بما في ذلك ما يتعلّق بصناعة الأدوية. فقد تسبّب اعتماد السّوق الفلسطينيّة على السّلطات الإسرائيلية بتأثيرات اقتصادية سلبية قوية على فلسطين المحتلّة عام 67، كما على المراحل المختلفة من استيراد مواد الأدوية الخام وحتى التصدير. فعلى سبيل المثال، تصرّ وزارة الصّحة الإسرائيليّة على تقويض وحصر استيراد الأدوية على المسجّلة في إسرائيل فقط. بهذا فإنّها تسد الطريق أمام الأسواق العربيّة المجاورة. اضافةً على ذلك، فإن ادراج اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة واراضي الـ 48 تحت مظلة ضرائب مشتركة يحتم ان تباع الأدوية في المنطقتين بذات السعر، وذلك بما يعارض سياسة "التمييز السعري" المتبعة في سوق الأدوية والتي تنص على انه يجب ان يناسب سعر الأدوية معدل مدخول الفرد في المتجمع.
كما وتطرقت سعدي الى ما تؤديه تطبيقات اتفاقية باريس من مساس بحياة الفلسطينيين. ففي القدس الشّرقيّة - على سبيل المثال - تُجبر المُؤسّسات الفلسطينيّة على اقتناء السلع التي ينتجها المحتل، كما لا يمكنها إدخال الأدوية الفلسطينيّة إلى المستشفيات والصيدليّات. أمّا في قطاع غزّة القابع تحت حصار محكم فإنّ السّيطرة الإسرائيليّة على دخول المنتوجات اليه وخروجها منه تؤدي الى حالة غير منطقية فيها يتمكن دخول بعض الأدوية ولكن يستعصي خروجها! فتتحول جميع المنتوجات التي انتهت صلاحيّتها الى عناية مؤسسات الصّحة المتلقّية في القطاع. وبذلك تشكّل عبئا بيئياً يحتاج إلى حلولاً، اساليباً مهنيّةً وادوات خاصة للتخلص منه، مثل مقالب للنفايات السامّة وطواقم مؤهلة من العاملين. والمتوفر منها وهو قليل لا يلبي الحاجة. أما المستفيد من هذا الوضع فهي الشركات الإسرائيليّة والدوليّة والتي تتمتّع بإمكانيّات وتسهيلات للوصول إلى السّوق الفلسطينيّة تخلو من الجمارك وتشويشات الحواجز. كما وأنّ أصحاب المصانع الإسرائيلية ليسوا ملزمين بتعديل أيّ من منتوجاتهم بهدف بيعها في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67. بالنّتيجة، تقوم الشّركات الإسرائيليّة والدّولية ببيع أدوية معنونة بالعبرية لسكّان عرب وباسعار مرتفعة لمجتمع يقبع جزء كبير منه تحت خط الفقر.
وقد اختتمت سعدي كلمتها بالتشديد على ان اتفاقية باريس لا تقتصر على سوق الادوية فحسب بل على مجالات اخرى ايضا وأنها كما يكشف التقرير تحد من تطور الاقتصاد في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما وان الاتفاقية تم تعديلها العام المنصرم الا انها غير متوفرة للجماهير ومن الجدير البت فيها ودراستها ودراسة تأثيراتها المختلفة.
تلت هذه المداخلة كلمة صلاح حاج يحيى، الذي تمتد تجربته الطويلة في مجال النشاط الحقوقي والصحي لأكثر من 25 عام وذلك من خلال نشاطه منظمة "أطباء لحقوق الإنسان". وقد تحدث حاج يحيى عن عمل العيادة المتنقلة في الضفة الغربية والوفود التي ترسلها المنظمة إلى غزة. كما وتطرق إلى وضع الجهاز الصحي في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، وما يشهده من صعوبات وتحديات ومعاناة للمرضى ونقص حاد في الأدوية والأجهزة الطبية والأطباء المختصين. كما تطرق حاج يحيى إلى التبرعات الطبية التي تصل من العالم العربي والتي تتلف قبل وصولها بسبب إجراءات الإحتلال التي تؤخر وصولها. وفي بعض الأحيانً تكون ولو وصلت غير ملائمة لإحتياجات المواطنين. في النهاية عرض حاج يحيى بعض التقارير التي توثق عمل الجمعية والوضع الصحي في الضفة الغربية وقطاع غزة وتلى ذلك حلقة نقاش وتساؤلات عديدة من الحضور. من الجدير ذكره، ان منتدى بلدنا الثقافي هو لقاء شهري يتم خلاله تناول مواضيع الساعة الثقافية، السياسية والفكرية. تشمل اللقاءات عرض أفلام، إستضافة محاضرين مختصين وناشطين لطرح المواضيع للنقاش.