أطلقت جمعية الشباب العرب- بلدنا، على مدار شهر شباط الأخير، رزمة من الأدوات التربوية التثقيفية الموجهة لشريحة طلاب المدارس العربية في الداخل الفلسطيني، والتي شملت: الألعاب اللوحية، الفيديوهات السياسية بمادة التاريخ والجولات الميدانية التثقيفية في القرى والمدن العربية. يأتي ذلك في سياق مشروع " هوية " بدعم من مؤسسة التعاون، والذي يسعى إلى إغناء الوعي التاريخي والسياسي لدى جيل الشباب حول الهوية الوطنية والتاريخ الفلسطيني.
دليل- في الرد على منهاج التاريخ الرسميّ
تأتي هذه المبادرة في سياق منهاج التاريخ الرسمي الذي يتم تدريسه في المدارس العربية، وهو منهاج يعتمد الادعاءات الصهيونية لقراءة ورواية تاريخ وواقع هذه البلاد. في " دليل " قمنا بمراجعة ورصد الادعاءات السياسية الأساسية الواردة في هذا المنهاج، ومواجهتها بالحقيقة الفلسطينية لتفنيد هذه الادعاءات ولرواية الحقيقة الفلسطينية، لنقدمه ك-" دليل " لمعلمي التاريخ في المدارس العربية.
وقد كان ذلك من خلال ثلاثة فيديوهات قصيرة جهزت لهذا الغرض. ففي الفيديو الأول طرحت الأهداف المعدة من وراء تدريس التاريخ- كيف يدون التاريخ وماذا يخدم، وكيف ينسجم مع موازين القوى المحيطة. أما الفيديو الثاني فتطرق الى مكانة فلسطين وتاريخها على طول المراحل الزمنية المختلفة، ومن ضمنه تقديم هزليّ ونقديّ لما يتم الترويج له في المنهاج الاسرائيليّ في هذا الصدد (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض). تناول الفيديو الثالث "النكبة" الفلسطينية، كيف حصلت وما هي تباعاتها وانعكاساتها على هويتنا وممارستنا ومكانتنا كفلسطينيين.
كما وقد نشرت هذه الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بجمعية الشباب العرب- بلدنا، لتلقى الأخيرة تفاعلاً من الشرائح المختلفة على امتداد فلسطين، وذلك تعبيرا عن الحاجة لمثل هذه المضامين بهيئة تفاعليّة تحاكي جيل الشباب. من جهة أخرى، تم مشاركة المواد مع معلمي التاريخ في المدارس العربية، وذلك بهدف الدفع لطرح رؤية مغايرة لما يتم تلقينه للطلاب في المدارس العربيّة.
اما الأستاذ رامي صايغ وهو مدرس لموضوع التاريخ والمدنيات فقد عقب على المبادرة قائلًا:" أرى أهمية كبيرة جدًا في مثل هذه المبادرة، خاصةً وان المنهاج يحاول ان يحيّد ويطمس تاريخنا وروايتنا الحقيقية".
وأضاف صايغ" تساهم مثل هذه المشاريع في زيادة الوعي عند الطلاب وتعريفهم على قضايا غير مذكورة في المنهاج الرسمي، وكما وتحببهم وتجذبهم أكثر لموضوع التاريخ، وهذا لأنها تحاكيهم جغرافيًا وتقربهم لواقعهم الذي يعيشونه".
تجوال.. نحو بناء علاقة حب وانتماء ومعرفة مع البلاد
تم اعتماد التجوال في أرض فلسطين، كمنهجية تريد إرساء علاقة معرفة وعاطفة مع المكان-مع فلسطين، وهو الحيز الذي سعت إسرائيل جاهدة الى تغريبه وتغيير معالمه، كما سعت وبموازاة ذلك الى تغريبنا عنه، لنصل الى واقع يرى فيه الشباب قراهم ومدنهم على أنها فنادق مسلوبة التاريخ والمعنى. في هذا السياق، قام طاقم المشروع وعلى مدار عام كامل بتدريب كادر من طلاب المدارس في المثلث والجليل، ليكونوا قادرين على تمرير هذه التجربة للمئات من الطلاب على مدار العام الجاري..
الألعاب. المتعة كمدخل للمعرفة
أطلقت جمعية الشباب العرب- بلدنا خلال شهر شباط بفيديو ترويجي على شبكات التواصل الاجتماعي، ستة ألعاب لوحية. تناولت هذه الألعاب جوانب مختلفة من القضية الفلسطينية: التكافل الاجتماعي، قضية الأسرى، الأرض والمسكن، جدار الفصل العنصري، الحصار على غزة، حرية الحركة والتنقل. لقد تم تطوير الألعاب بمساهمة مجموعة متطوعة من الشباب المبدع والمهنيّ في المجالات التربوية والفنية المختلفة، والتي عملت على مدار عام حتى انتاج الألعاب.
اذ تهدف الألعاب المطورة من خلال مشروع هوية الدمج بين المتعة والمعرفة، محاولين بذلك كسر حاجز النفور والملل لدى شريحة الشباب عند التعاطي مع المضمون الوطني. ستشكل الألعاب، التي سيتم تفعيلها في المدارس المختلفة، محفزًا لبدء وخوض نقاشات سياسية حول الجوانب المختلفة في القضية الفلسطينية، والتي سترصد بدورها من أجل تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية لدى شريحة الشباب.
كما وعقدت بلدنا في الأسبوع المنصرم، تدريبًا للمرشدين والمرشدات في مشروع الألعاب للتحضر للورشات التي سيقومون على تمريرها في الأيام القريبة بالمدارس المختلفة في مناطق البلاد المختلفة، اذ تم تشكيل مجموعات تحوي أكثر من 1000 مشارك ومشاركة من مدن وقرى عربية مختلفة.
اما دنى حجازي، وهي مرشدة في المشروع وكانت قد شاركت في التدريب، عقبت قائلة:" باعتقادي طريقة استعمال الألعاب لتمرير مضامين ومفاهيم وطنية وإنسانية هي ناجعة أكثر من شرح أي درس في التاريخ والمدنيات الذي من الممكن ان يؤدي الى ملل الطلاب".
وأضافت حجازي "واضح أن الألعاب ترتكز على دراسات عميقة لنظريات الألعاب وحياة الفلسطينيين، التي في الكثير من الحالات لا تكون معروفة للطلاب الذين يعيشون حالة من عدم المعرفة حول أوضاع شعبهم في الأماكن المختلفة البعيدة جغرافيًا والمغيبة تمامًا من كافة مناهج التعليم الرسميّة".